الاثنين، 27 أكتوبر 2008

الديمقراطية بالمشاهدة

















الوعي القائم على النفعية في استغلال المفاهيم البشرية لتحقيق مصالح ومكاسب سلطوية ينخرط بالضرورة في مستوى المجابهة المباشرة مع منافسيه في المكاسب نفسها فتبقى الأزمات والمتغيرات جارية بنفس الإطار المنهجي لبرنامج تطبيق الوعي البشري ,فالصدام التاريخي يظل قائماً في هذا العالم حتى تتغير طريقة تعاملنا معه والأفكار التاريخية العملاقة والنظرية لغاية إحداث بنية مغايرة لطبيعة الوجود القائم في مجراه التاريخي , يُصاغ بطريقة مغايرة لمضمونه الحقيقي وإلا لما وصالت إليه النظريات إلى هذه الدرجة من الإهمال والتلاعب بمضمونها الفكري وكأن العقل البشري يرفض التعامل مع القضايا التي تنقذه من إرباكه التاريخي فيقوم على تغيير بنية المفاهيم بما يتوافق مع المسير التصادمي في الحياة الإنسانية .
فالديمقراطية كمفهوم عقلي ونهج عملي للوصول إلى مستوى راقي في العلاقات بين البشر والدول , استغلها العقل البشري بما يخالف مضامينها الجوهرية , فالدلائل المتوفرة عن الممارسات الديمقراطية وطبيعة تمثلها في بنية العالم تتخذ مسارات درامية في غاية التنوع وقد تكون مسلية لمن يهوى المشاهد المسرحية .
فالنظام العالمي الجديد وما يحتويه من بنى اجتماعية وأنظمة فكرية وسياسية متنوعة يمكن أن توضحها المشاهد الديمقراطية في الطبيعة الجغرافية للدول .
فالديمقراطية في البنية العالمية تظهر للوجود بالتعددية المتنوعة للأنظمة المختلفة والمتعايشة في بنية دولية واحدة ممثلة في الهيئة العالمية للأمم المتحدة كتمثيل جامع لأنظمة متنوعة الوجود والأسلوب في طريقة الحكم وقيادة السلطة السياسية .
فالبناء الديمقراطي العالمي يحتوي خليط غير متجانس من الأنظمة تعبر عن نفسها بحرية الوجود الديمقراطي في التعامل مع الطبيعة السياسية الداخلية لنظامها الخاص ,فنشاهد الحكم الديني الملكي وحكم الإمارة الملكي المرتبط بالدين وحكم السلطنة الديني والحكم الجمهوري الديني والحكم القومي بسياسة القائد الفرد والحزب الجمهوري بسياسة الحزب الواحد والحكم الجمهوري بسياسة تبادل الحزبين وحكم ملكي بسياسة حزبين , حكومات وسياسات متنوعة مختلفة التباين في النظام العالمي على المساحة الكاملة للجغرافية البشرية يمكن أن نعبر عنها بالديمقراطية العالمية في طريقة التعاطي مع الطبيعة السياسية للدول مفرزات وإفرازات سياسية متنوعة متواجدة بحكم الديمقراطية وهل يعني أن هذه هي الديمقراطية أم المفاهيم الديمقراطية متنوعة التنفيذ والحرية في بناء الأنظمة المختلفة وهل يمثل التعاطي مع الحرية كنهج للقيادة السياسية على المسرح العالمي أم الفصل بينهما ضرورة حتمية .
فالانتقال التنازلي يعطينا نتائج أكثر إثارة في معرفة الحياة الديمقراطية من خلال البنية الداخلية للدول
في بنية الدول الداخلية فالنظام التمثيلي مختلف على المستوى الديمقراطي بين نظام وأخر والعرض لا يخلو من الإثارة فالأحزاب المتباينة تطرح برامج مختلفة وتتسابق للحصول على المكانة في قيادة السلطة كنظام تمثيلي يعبر عن اختيارها بالاقتراع المباشر لتنفيذ برامج سياسية ويمكن أن تتعدد الأساليب في تنفيذ هذا الواقع السياسي وكل دولة تسلك طريقاً مغايراً في تركيبتها البنيوية وممارستها للديمقراطية ويمكن تحديد المفاهيم في هذا المجال بالطريقة الديمقراطية لوصول الأحزاب إلى السيادة السياسية ويمكن أن تكون هذه الأحزاب دينية أو عرقية أو قومية وغيرها تعبر عن واقع مقيت في الحياة الاجتماعية والإنسانية ويمكن أن نشاهد أحزاب اشتراكية وعلمانية ونازية وغيرها تستخدم الديمقراطية للوصول إلى برامج هدامة معيقة لبرنامج التفاعل الإنساني ويمكن أن نشاهد توزيع المناصب السياسية والحكومية من قبل الحكام والهيئة الحاكمة معتبرين توزيعها بشكل ديمقراطي ويمكن إزالة سياسيين وأصحاب مناصب وأحزاب وقوميات وطوائف وغيرها معتبرين بأن الإزالة تمت بشكل ديمقراطي ويمكن أن تقام الحروب وتزهق الأرواح وتدمر المدن والشعوب على أساس الحروب الديمقراطية ويمكن أن يفجروا العقل بشكل ديمقراطي ويمكن أن تنهب الثروات وتقمع الشعوب على أساس ديمقراطي إنه مشهد قائم في الوجود الإنساني يتم استغلال محتواه الديمقراطي لتشكيل واقع متأزم همجي البنية والسلوك بلائحة ديمقراطية تنشر الرعب والدمار في جسد الإنسانية الهزيل ويمكن أن نشاهد برامج متغيرة في بنية الديمقراطية لدرجة اعتبار الديمقراطية غير موجودة في الديمقراطي نفسها , أدبيات وأفكار وتحليلات قائمة على الديمقراطية والحصيلة النهائية لا تغيير في المعادلة الإنسانية عندما يقيم الإنسان من انتمائه وقوميته ودينه وعرقه وغيرها من الأساليب المذلة للكرامة الإنسانية .
فلا ديمقراطية في الدين ولا دين في الديمقراطية أساليب متنوعة في الوجود وتعيش على هامش الوجود , مخزون عقلي سلفي يراد نشره ديمقراطياً ,مظاهر عقلية متطورة وبناءة يتم إقصاءها ديمقراطياً خوفاً على مصالح أسياد العالم , بنى متقهقرة ورجعية ترشق الحياة بالتهم تكبت الأنفاس وتلغي العقل بأوامر من مصدر مجهول باسم الديمقراطية عالم يتخبط بالشر والإنسان هو المتهم الوحيد في تشكيل الدمار .
عندما يعيش الحكام خارج الحساب والقوة خارج العقل والجهل في تركيبة الحياة ستبقى الديمقراطية مجرد أقوال وفن التلاعب بالألفاظ لأن الرفاه والحرية وحدهما القادران على إزالة التجاعيد من الوجه الإنساني المعبر عن طبيعة التوافق بين الشعوب .

ليست هناك تعليقات: